التكافل الاجتماعي في الإسلام وأثره في القضاء علي البطاله والفقر (3)





كيف يمكن تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام :

بين لنا الشرع الحنيف الكثير من الوسائل والنظم التي يمكن من خلالها تحقيق هذا التكافل بما يحقق العدالة الإجتماعية ويبث روح المحبة والسلام بين البشر.

ولقد قسم العلماء هذه الوسائل إلي :

أولا : ما يطالب به أفراد المجتمع

وينقسم إلي قسمين :
أ – ما هو علي سبيل الوجوب والإلزام .
ب – ما هو على سبيل التطوع والاستحباب.

ثانيا : ما تطالب به الدولة


أولا : الوسائل المنوطة بأفراد المجتمع:

أ- الوسائل الفردية الإلزامية:


1- فريضة الزكاة:
وهي من أهم هذه الوسائل والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، قال تعالى:"وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِم حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ " المعارج: 24، 25
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا».

وللزكاة أهمية كبيرة حيث أنها تشمل معظم أفراد المجتمع، كما أنها تمثل 2.5% من الثروة العامة. 

وهذه النسبة لوتم تنظيمها بشكل سليم وعادل فهي كفيلة بأن تحل كثيرا من المشاكل الاجتماعية الناتجة عن الفقر وأن تسهم في الحد منه، هذا فضلا عن آثارها المعنوية، حيث تنفي من المجتمع الأحقاد والبغضاء الناتجة عن انقسام الناس إلى أغنياء يملكون كل شيء وفقراء لا يملكون أي شيء وهؤلاء الفقراء بطبيعة الحال يشعرون بالهم والغم نتيجة الفقر والديون والحاجة وعدم التمتع بالدنيا كما يتمتع بها الأغنياء.
ولا يختلف اثنان أن مبدأ الزكاة حين طبق في العصور الإسلامية السابقة، نجح في تحقيق وإقامة التكافل الاجتماعي، ومحاربة الفقر، وعوّد المؤمنين على البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله.
هذا وللدولة الحق في جمع أموال الزكاة وتوزيعها علي مستحقيها ولكن إن قصرت الدولة في هذا الحق فللأفراد أن يخرجوها بأنفسهم ويعطوها لمن تصرف لهم من الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل وغيرهم.


2- الكفارات:
وهي ما يفرض علي المسلم عند وقوعه في مخالفة شرعية بترك بعض الواجبات أو ارتكاب بعض المحظورات.
ومنها :
- كفارة اليمين: قال تعالي " لاَ يُؤَاخِذُكُمْ اللهُ بِاللَّغوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوٍسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةٍ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". المائدة 89
- كفارة الظِهار إن عجز عن تحرير رقبة وصيام شهرين :قال تعالي وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ / فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ " المجادلة 3،4
- كفارة من يفطر في رمضان لمرض أو شيخوخة ولا يستطيع القضاء قال تعالي "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..." البقرة 184 
- كفارة قتل الصيد في الإحرام بالحج: قال تعالي "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا..." المائدة 95



3- صدقة الفطر:
وهي واجبة على كل مسلم، وعلى كل من تلزمه نفقته من زوجة وأولاد وخادم وأبوين، عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.



4- إسعاف المحتاج:
حيث يلتزم من علم بأن جاره جائع ولا يجد ما يأكله أن ينقذه إذا كان ذلك في استطاعته ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم بهرواه الطبراني في الكبير  


5- النذور.
من وسائل التكافل ما ينذره المسلم من مال ونحوه، كأن يقول: (لله عليَّ ألف دينار صدقة على الفقراء)، والوفاء بالنذر واجب، قال تعالى:
" ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلَيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَليَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ". الحج 29









ب- الوسائل الفردية التطوعية:

     ومنها :

1-    الوقف:

وهو حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود، ويجمع على وقوف وأوقاف
وقيل هو: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة

قال تعالي -: " َوَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ  " البقره 272، وقال تعالى: " لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " آل عمران 92
 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).رواه مسلم


وهو من وسائل التكافل ومن الصدقات المستحبة والتي يستمر خيرها، ويتجدد ثوابها إلى ما بعد الممات، وهو يشمل جميع جهات الخير


ومن مجالاته :

- حفظ الدين وبيضته كوقف السلاح والمصاحف والكتب، والمساجد والدور والزوايا والأربطة ودور العلم والمدارس والمكتبات وغيرها .
-        وقف مسجد يصلى فيه، أو دار كتب لنشر العلم 
-       الوقف لحفظ العرض والنسل عن طريق الأوقاف المختصة بتجهيز المتزوجات وتزويج المسلمين، وتزويدهم بما يحتاجونه من أثاث ومتاع وماعون ونحوها.
-        الوقف على الفقراء و المساكين كوقف الأراضي و الشركات و المياه ، أو عمارة تؤجر ويتصدق بأجرتها، أو أرض زراعية يتصدق بما يحصل منها
-       الوقف التعليمي على العلماء وطلبة العلم   و ذلك عملا بحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا نَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ.(أخرجه ابن ماجه).


2- الوصية:
وهي أن يوصي الشخص عند موته بنسبة من ماله لشخص معين، أو جهة معينة أو جماعة من الناس بأعيانهم، أو بأوصافهم، أو أي جهة من جهات الخير.
وقد رغب الإسلام في الوصية، قال الله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 180].
وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». متفق عليه.

إلا أن الإسلام وازن بين حقوق الورثة والموصي إليهم، حيث منع الوصية بأكثر من الثلث اعتبارا لحق الورثة ومراعاة لظروفهم بعد الميت.

عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : لاَ فَقُلْتُ : بِالشَّطْرِ ؟ فَقَالَ : لاَ ثُمَّ قَالَ : الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ - أَوْ كَثِيرٌ - إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ قَالَ : إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً ، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) رواه البخاري

3- العارية:

وهي تمكين الشخص غيره من استخدام وسائله مجانا شريطة أن يردها له، وهي من أعمال الخير والإنسانية لأن الناس لا غنى لهم عن الاستعانة ببعضهم والتعاون فيما بينهم، وهي داخلة في قول الله تعالى: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.." المائدة 2

وقد حث الإسلام على هذا الأسلوب من التعاون والتكافل؛ لماله من آثار إيجابية وبناءة في غرس المحبة بين أفراد المجتمع وفي تقوية العلاقات الاجتماعية وإقامتها على المشاركة والتعاون، وأنكر على من يمنع هذا الحق ما دام لا يلحق به ضرر وقرنه بالتقصير في الصلاة.
قال تعالي " فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ / الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ / الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ  /وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ  " [الماعون:4-7]  
وقد فسر ابن كثير الماعون بقوله: (سُئِلَ ابن مسعود عن الماعون فقال: هو ما يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك).
وجعل الإسلام في مقابل هذا الحق وجوب الوفاء بالجميل للمعير برد أدواته إليه مع المحافظة عليها وصيانتها من التلف قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58] وقال: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].
4- الهدية والهبة:

وهي من وسائل التكافل الاجتماعي التي حث الإسلام عليها ذاكرا دورها في تقوية النسيج الاجتماعي وإشاعة روح الألفة والمودة بين أفراد المجتمع، بل هي من موارد التكافل التي تظهر العطية بمظهر العز والكرامة، لأن الفقير لا يخجل من أخذها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تَهَادُوا تَحَابُّوا ) رواه البخاري في الأدب المفرد، ومالك، وصححه الألباني .







مسؤولية الدولة:


لا شك أن للدولة مسؤولية كبيره في تحقيق العدل والمساواه بين أفراد المجتمع كما أنها مسؤولة عن التقصير في حقوق المواطنين مما يؤدي إلي تفشي الفقر والمرض والانحراف والشذوذ والجهل وغيرها من الامراض الاجتماعية التي تؤدي إلي انهيار المجتمع وتفككه
كما أنه لا يجوز أن ترتع الدولة أو قلة من أبناء المجتمع في النعيم والترف بينما هناك الالاف من المواطنين يقتلهم الجوع ويقعدهم المرض ويذلهم الفقر وتقهرهم الديون
ولهذا نجد الحاكم مسؤول أمام الله عز وجل عن رعيته
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
بل نجد أن الحاكم إذا مات وهو غاش لرعيته حرَّم الله عليه رائحة الجنة،

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :" مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ ; فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".  

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . 



ومن أهم هذه الوسائل:


أولاً: تأمين موارد المال

فيجب علي الدولة تأمين مصادر للمال بالبحث والتنقيب واستخراج معادن الأرض وكنوز البحار، وكافة الثروات التي أودعها الله في الكون واستثمار المحيط الطبيعي للدولة.
كما يجب على الدولة أن تخصص بيت مال للمسلمين،  تنفق منه علي الفقراء والمحتاجين وتسدد ديون المدينين وتعالج المرضي وغيرها مما يجعل المجتمع ينعم في ظل العدالة الاجتماعية ليتحقق أقصى حد للرفاهية الاجتماعية الشاملة التي لا تقتصر على فئة دون فئة، أو مجال دون آخر.

ومن أهم طرق تأمين هذه المصادر:



1-    جباية الزكاة.
فالدولة حين تقوم بجمع أموال الزكاة من أموال الأغنياء بأن تأخذ ربع العشر من كل عام وحين تسعى على جمع زكاة الإبل والبقر والغنم، وحين تأخذ من زكاة الزروع والثمار العشر إذا كانت الأرض تُسقى بالمطر، ونصف العشر إذا كانت الأرض تُسقى بالآلات، وحين تشرف على جمع زكاة الركاز وفيها الخمس ،

إذا قامت الدولة بذلك يتأمن لديها أموالاً ضخمة، وثروة طائلة، يكون لها الأثر الكبير في تحقيق التكافل الاجتماعي من محاربة الفقر والجهل والمرض والحرمان. 

ولا أدل علي هذا مما حدث في العصور الإسلامية الزاهرة عندما قامت الدولة بدورها حتي وصل الأمر أن الدولة لا تجد من يأخذ من بيت المال للكفاية والإغتناء .

2- الاستفادة من الوقف الخيري.
وذلك أن الدولة إذا أحسنت الاستفادة من أموال الوقف، ركَّزت في المجتمع دعائم التكافل، وأمَّنت للفقراء والمحتاجين والمساكين والأيتام واللقطاء والأرامل والمطلقات والعجزة والشيوخ ما يسد حاجتهم ويصون كرامتهم، ويحفظهم من ذل السؤال ولا يتم ذلك إلا إذا فتحت الدولة من أموال الوقف دار للعجزة، وأخرى للأيتام واللقطاء، ومدرسة للأيتام، ومستشفيات للمرضى الفقراء، وغيرها من مشاريع البر والخير.


ب- إيجاد فرص عمل للقادرين عليه:


وهذا من حقوق المواطنين علي الدولة وذلك بالبحث عن أفضل الحلول لمواجهة البطالة وبإقامة المشاريع البناءة التي تساهم في النهضة العامة، كما أنها تقف وراء المشروعات الصغيره التي يقوم بها من يستطيع عليها وتدعهم بالمال والاستشارات ودراسات الجدوي ورفع الضرائب عنهم ولو لفترة حتي يؤتي المشروع ثماره وتوفر في ذات الوقت فرص العمل للأيدي العاطلة بعدالة تامة ومراعاة للحاجات العامة وإعطاء الأولوية للفئات الفقيرة المحرومة.

ثانياً: توزيع المال على المستحقين.
حدد الله سبحانه وتعالى مصارف الزكاة قال تعالي " إِنَّمَا الصَّدَقَات لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِين عَلَيْهَا وَالْمُؤْلَفَةُ قُلُوبَهُمْ، وَفِي الرِّقَاب وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وابْنُ السَّبِيل، فَرِيضةً مِنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيم". التوبة 60
فالفقير من كان محتاجاً ولا يكفيه دخله لسد حاجاته، والمسكين المحتاج الذي لا يجد ما ينفعه، والعاملون على الزكاة هم الذين تعينهم الدولة لجبايتها فلهم أن يأخذوا منها كفايتهم والمؤلفة قلوبهم الجماعة من المسلمين وغير المسلمين الذي يراد تأليف قلوبهم للإسلام والمسلمين، وفي الرقاب هم العبيد يعطون من الزكاة ما تحرر رقابهم، والغارمون من لزمهم الدين ولا يملك نصاباً فاضلاً عن دينه وابن السبيل المسافر الذي انقطعت به الطريق ولو كان غنياً في بلده وسبيل الله المجاهد.











يتبع الجزء الرابع

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

التسميات