هل أخذ الرسول - صلي الله عليه وسلم - تعاليمه من اليهود والنصاري ؟




  • أثار هذه الشبهه ( كارل بروكلمن ) 

{ 1275-1375هـ } {1868- 1956م } Carl Brockelmann 

وهو مستشرق ألماني عالم بتاريخ الأدب العربي ، ومن مؤلفاته كتاب ( تاريخ الشعوب الإسلاميه ) قال فيه وهو يتحدث عن نبوة المصطفي - صلي الله عليه وسلم - " وتذهب الروايات إلي أنه اتصل في رحلاته ببعض اليهود والنصاري ، أما في مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصاري كانت معرفتهم بالتورة والإنجيل هزيلة إلي حد بعيد " 1

وعن الوحي يردد بأنه وحي نفسي قائلا " لقد تحقق عنده - أي : عند الرسول - صلي الله عليه وسلم - أن عقيدة مواطنية الوثنية فاسدة فارغة ، فكان يضج في أعماق نفسه هذا السؤال : إلي متي يمدهم الله في ضلالهم ، ما دام هو عزوجل قد تجلي آخر الأمر للشعوب الأخري بواسطة أنبيائه ! وهكذا نضجت في نفسه الفكرة أنه مدعو إلي أداء الرساله ، رسالة النبوة " 2

  • كما قالو أيضا أن النبي - صلي الله عليه وسلم - أخذ القرآن عن الراهب بحيرى حينما قابله بالشام وهناك آخرون يقولون أنه أخذه عن ورقة بن نوفل !


الرد علي هذه الشبهة : 

  • لو كان الأمر كذلك فما سبب سكوت قريش علي هذا ، وهم قد اجهدوا أنفسهم في تلمس مصادر النبي - صلي الله عليه وسلم - التي افترضوها في المسيحين الموجودين بمكة ؟
        قال ابن تيمية :(( وقد علم الناس بالتواتر أن المشركين من قريش وغيرهم لم يكونوا يعرفون هذه القصص ولو قدر أنهم كانوا يعرفونها فهم أول من دعاهم إلى دينه فعادوه وكذبوه فلو كان فيهم من علمه أو يعلم أنه تعلم من غيره لأظهر ذلك)) 3

       ويقول لايتنر:(( بقدر ماأعرف من ديني اليهود والنصارى أقول بأن ماعلمه محمد صلى الله عليه وسلم ليس اقتباسًا ،بل قد أوحي إليه به ، ولاريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحي من لدن عزيز عليم)) 4
    
  •  ويرد  الدكتور ساسي سالم الحاج علي هذه الشبهه فيقول  : 
           إن زعمهم بأن الرسول الكريم قد تلقى تعاليمه الدينية عن بحيرى الراهب ، فهو قول عار من الصحة هو الاخر ، ذلك أنه لم يكن لهذا الراهب أثر فى التاريخ لو لم يذكره مؤرخو السيرة النبوية . وأجمع هؤلاء المؤرخون على أن هذا الشخص هو       راهب متبتل عاش فى ديره على أطراف الجزيرة العربية مثل بقية زملائه الذين اتخذوا من هذه الأماكن القصية ملاذاً لهم ،وكان ديره يقع فى طريق تجارة قريش إلى الشام ، وكثيراً ما تأوى هذه القوافل التجارية إلى ديره للراحة من وعثاء السفر ،             فيضيفها ، ويزودها بالماء القراح . 
          لكن المستشرقين أولوا هذه الأخبار وذهبوا بها مذاهب شتى منها : أن الرسول كان يتردد على هذا الراهب إبان سفره للتجارة عندما أصبح شاباً ، وأنه استقى منه العديد من الحكم والمعارف الدينية ، وأنه كان أحد مصادره لتأليف القرآن الكريم ويتبين خطأ هذا الرأى من عدة وجوه منها : 
          أن الرسول لم يرى بحيرى إلا مرة واحدة وللحظات بسيطة وهو طفل صغير ولا يعقل أن يستقى منه شيئا من المعارف والمعلومات فى هذه الفترة الوجيزة وفى هذه السن اليافعة ، وثبت أن الرسول لم يسافر للتجارة إلا مرة واحدة بعد أن أصبح             شاباً ، وذلك عندما استأجرته خديجة لتجارتها . واتفقت الرويات على عدم مروره ببحيرى هذه المرة ولم يشر الإخباريون ومؤرخو السيرة إطلاقاً إلى عودة الرسول إليه مرة ثانية , وإذا صدقنا برواية التقاء الرسول ببحيرى رفقة عمه أبى طالب فإن          الإحداث تنبئنا بأنه عاد إلى التجارة وهو قريب السن من الخامسة والعشرين لأنه تزوج بخديجة فى هذا العمر أى بعد عودته من تجارته بالشام فيكون بحيرى قد قضى نحبه خلال هاتين الفترتين .


  • ولو أخذنا بحيرى كفرضية للنفكير المنطقي...


        لسانه أعجمي فمستحيل أن يؤلف كتابا بهذه البلاغة اللفظية 
 قال تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (النحل : 103 )
      وهنا تسقط فرضية تعلمه من بحيرى ..ناهيك أنها فرضية غير منطقية ولا عقلانية فالنبي تقابل معه حينما كان مسافرا مع عمه للتجارة فرآى الراهب بحيرى من شرفته أشياء عجيبة ترافق القافلة فهناك سحابة تظلل النبي أينما سار ورأى أنه لا يمر بحجر أوبشجر إلا سجد للنبي محمد وهنا تيقن أنه النبي المنتظر الذي قرأ عنه في التوراة والإنجيل أنه من بني إسماعيل

     سفر التكوين الإصحاح 17 : 20: وأَمَّا إِسْماعيلُ فقَد سَمِعتُ قَولَكَ فيه. وهاءَنَذا أُبارِكُه وأُنْميه وأُكَثِّرُه جِدًّا جِدًّا، ويَلدُ اَثنَي عَشَرَ رَئيسًا، وأَجعَلُه أُمَّةً عظيمة

    سفر التكوين 13 :21 "وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك"



  • وأخيرا لو أخذنا ورقة كفرضية أخرى باطلة من أوجه

       1- أنه لم يكن له لقائات متبادلة بالنبي وإلا لكان طعن عليه كفار قريش به ولا شك ... !

       2- فرضية أن القرآن مصدره ورقة سخيفة لأنه مات في السنوات الأولى للبعثة ..فكيف يظل الفرع وقد مات الأصل !

       3- قد يقولون أنه قد علم النبي قبل موته وهذا فاسد -كما بيننا لأنه لم يكن له لقائات متبادلة مع النبي- ولكن المعجز في تقدير الله للأمور أن يفتر الوحي ويتوقف لستة أشهر بعد موت ورقة واعداء الإسلام يدندنون على هذا كثيرا والواقع أن الكفار قد عيروا محمد –صلى الله عليه وسلم- وقالوا له "قد ودعك ربك يا محمد" فلو كان النبي حسب فرضيتكم قد تعلم من ورقة فلم يفترالوحي في فترة حرجة مثل تلك الفترة ..؟!

     فبالله عليكم ...أليس فتور الوحي بعد موت ورقة دليل ضدكم لا معكم ؟!


والأسئلة التى لا إجابة عنها من قبل المستشرقين عن هذا التأثير تتحدد فى الأمور التالية : 

1- كيف يتأثر الرسول بهذا الراهب وقد رآه والتقى به مرة واحدة وهو فى الثانية عشرة من عمره ؟ 
2- كيف يتسنى له أن يتلقى منه المعارف والقصص ، والأحكام والمواعظ ، والأوامر والنهى الواردة فى القرآن الكريم وهو يمر بهذا الراهب مرور الكرام حتى ولو افترضنا التقاءه به مرة ثانية ؟ 
3- كيف لا يلاحظ مرافقوه من تجار قريش التقاء الرسول به ، والمكوث معه أياماً وليالى طويلة ، وهو يغترف من معين هذا الراهب العلمى ؟ 
4- كيف يتسنى له ذلك وهو أمى لا يتمكن من تسجيل تلك المعلومات وتدوينها للاستعانة بها فى تأليف كتابه ؟ 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الشعوب الإسلامية ص 34 طبعة بيروت مترجمة في خمسة أجزاء صغيرة.
2- المصدر السابق ص36، وانظر : أمثلة أخرى لعدم إنصافه فى : دراسات فى السيرة النبوية للأستاذ الدكتور محمد سرور بن نايف ص 127 –137، ومقدمات العلوم والمناهج 1/397، 5/219 .
3- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (ط. العاصمة); المؤلف: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني; المحقق: علي بن حسن ص 195
4- الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي ونقده،محمود ماضي ص149.




شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

التسميات