الخليج العربي




 الخليج العربي 




مضيق هرمز الذي يصل الخليج العربي بخليج عمان


الخليج العربي هو(الاسم الشائع في العالم العربي ) أو الخليج الفارسي Persian Gulf ( التسمية الدولية الشائعة ) أو خليج البصرة (التمسية المعتمدة في تركيا والوثائق العثمانية ) ذراع مائية لبحر العرب يمتد من خليج عمان جنوبا حتى شط العرب شمالا بطول 965 كيلومترا. تبلغ مساحة الخليج العربي نحو 233,100 كيلومتر، ويتراوح عرضه بين حد أقصى حوالي 370 كم إلى حد أدنى 55 كم في مضيق هرمز. والخليج العربي ضحل لا يتجاوز عمقه 90 مترًا إلا في بعض الأماكن. يبلغ طول الساحل العربي على الخليج العربي 3490 كيلومتراًو هو أطول من الساحل الإيراني، إذ تملك إيران شاطئاً يبلغ 2440 كيلومتراً على الخليج العربي، وبهذا فإن الساحل العربي أطول بحوالي 1050 كيلومتراً من الساحل الإيراني.
يفصل الخليج العربي شبه الجزيرة العربية وجنوب غرب إيران، وتطل عليه ثماني دول هي العراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات وعُمان وإيران كما تحيط مياه الخليج العربي بدولة البحرين. يحده من الشمال والشرق إيران؛ بينما تحده من الجنوب الشرقي والجنوب كل من سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، وتحده من الجنوب الغربي والغرب كل من المملكة العربية السعودية وقطر، وتقع كل من الكويت والعراق على أطرافه الشمال غربية، بينما تقع البحرين ضمن مياه الخليج الغربية شمال قطر.

 وتنسب منطقة الخليج العربي إلى الممر المائي الذي تطل عليه دول تلك المنطقة خاصة من جهة الساحل الغربي له, والحقيقة أن نسب هذا الممر المائي إلى العرب أو تسميته بالخليج العربي لم يكن من قبل العرب أنفسهم وإنما عرفت هذه التسمية منذ أقدم العصور.
فأقدم اسم معروف لهذا الخليج هو اسم "بحر أرض الإله" حتى الألف الثالث قبل الميلاد. ثم أصبح اسمه "بحر الشروق الكبير" حتى الألف الثاني قبل الميلاد. وسمي "بحر بلاد الكلدان" في الألف الأول قبل الميلاد. ثم أصبح اسمه "بحر الجنوب" خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد. 
سماه الآشوريون والبابليون والأكاديون: "البحر الجنوبي" أو "البحر السفلي. وقد سماه الفرس "بحر فارس" وقيل أن هذه التسمية عرفت في أول الأمر من قبل الملك الفارسي دارا الأول (521-486 ق.م) في كلامه "على البحر الذي يربط بين مصر وفارس.
 أما أول من أطلق عليه الخليج العربي هو المؤرخ الروماني بلينيوس في القرن الأول الميلادي , تلك الفترة التي كانت تلك المنطقة بالكامل بما فيها سواحل هذا الخليج الشرقية والغربية , عربية أو فارسية تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية.

ولا شك أن هذه التسمية التي أطلقها الرومان على الخليج في ذلك الوقت إنما ترجع إلى سيطرة العرب على المراكز التجارية والملاحية على امتداد هذا الممر المائي لفترات كبيرة في التاريخ في ذلك الوقت. وما يؤكد ذلك طبيعة السواحل الشرقية لهذا الخليج والتي تمتد لمسافة حوالي مأتى كيلو متر تشغل معظمها سلسلة من الجبال صعبة المنافذ إلى الداخل مما عزل سكان فارس والسلطة المركزية عن حياة البحر وممارسة الأنشطة البحرية بشكل كبير, إضافة إلى ما اشتهر به الفرس منذ أقدم العصور بخوفهم من البحر وقلة أنشطتهم فيه سواء المدنية أو العسكرية.

تطلق تسمية الخليج العربي في جميع البلدان العربية والمنظمات العربية، وتستعمل الأمم المتحدة في محاضر مؤتمراتها ومراسلاتها باللغة العربية اسم الخليج العربي. بينما يسمى في إيران (بالفارسية: خليج فارس) نسبة إلى بلاد فارس الإسم الأقدم لإيران، في تركيا وقبلها الدولة العثمانية يطلق عليه إسم خليج البصرة، وتستعمل باقي دول العالم نقلاً عن المصادر الغربية تسمية الخليج الفارسي التي تخلط أحياناً مع تسمية الخليج العربي.

وللخليج العربي أهمية اقتصادية بالغة حيث تعبر العديد من ناقلات النفط من خلاله عبر الموانئ النفطية على سواحله إذ أن أغلب البلدان التي تطل على سواحل الخليج العربي هي مصدرة للنفط. إضافة إلى ذلك فإن مياهه تضم حقولا نفطية وغازية . وتفوقت التجارة المنقولة عبر الخليج العربي على مثيلتها في البحر الأحمر – ذي الشعاب المرجانية والسواحل المجدبة-, فبلغت ثلاثة أمثالها في معظم الأحيان على الرغم من قصر المسافة بين السويس والإسكندرية بمقارنتها بين البصرة وحلب, وعلى الرغم من شدة الحرارة خلال فصل الصيف وتعرض القوافل التجارية لغارات القبائل البدوية .

تعد مياه الخليج غير عميقة نسبياً، إذ يبلغ أقصى عمق فيها 360 قدماً. فمياهه لايرتفع بها الموج، وبالرغم من أرتفاع درجة حرارته وأرتفاع نسبة الرطوبة في مناخه، فنادراً مايتعرض لعواصف أو دوامات هوائية، ولذلك فهو يوفر بيئة بحرية ملائمة للملاحة البحرية.

ازداد الخلاف في السنوات الأخيرة بين العرب والإيرانيين حول تسمية خليج المياه الذي يفصل بينهم، وهل هو «الخليج الفارسي» أم «الخليج العربي»، حتى إن بعض مواقع الإنترنت نظمت عملية تصويت لزوارها حول ما يرونه التسمية الصحيحة.. فأي الاسمين هو الصحيح ومن يحق له تقرير ذلك؟


كان «الخليج الفارسي» هو الاسم المستخدم في العصر الحديث بشكل عام - حتى في الدول العربية نفسها - حتى ستينات القرن العشرين. ونحن نرى كل الخرائط التي صدرت قبل 1960 تجمع على استخدام اسم الخليج الفارسي. إلا أنه منذ هذا التاريخ بدأت الدول العربية تبدي رغبتها في استبدال اسم الخليج العربي بالخليج الفارسي. فما الذي حدث حتى يبرر تغيير الاسم القديم؟


لا شك في أن استقلال الدول العربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كان له أثر كبير في نمو الشعور القومي لدى شعوبها، والرغبة في استعادة مظاهر الاستقلال لدى العرب بعد سنين طويلة من السيطرة الأجنبية. إلا أن الموقف سرعان ما تعقد بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979، التي أدت هي الأخرى إلى زيادة الشعور القومي لدى الشعب الإيراني، وتصميم السلطات الإيرانية على عدم تغيير اسم الخليج الفارسي. وبينما أدى الشعور القومي لدى العرب إلى الرغبة في التخلص من النفوذ الأجنبي، فقد أدى في إيران إلى الرغبة في مد نفوذها خارج حدودها الشرقية. والسبب في هذا الموقف يرجع لظروف إيران التاريخية.


إن دول الخليج العربي بحاجة فعلية إلى خطة عمل إستراتيجية واضحة للتعاطي مع التمدد الإيراني على أسس وطنية وقومية وإعلامية واثقة ومحددة، تواجه من خلالها المشروع الإيراني بكامله ومن ضمنه كل الأطراف المتحالفة مع طهران.


سقطت الدولة الفارسية أمام الإسكندر المقدوني سنة 330 قبل الميلاد، واستمرت إيران بعد موته خاضعة لخلفائه السلوقيين لمدة 82 عاما. وتمكن البارثيون من التخلص من السيطرة المقدونية وتكوين دولتهم في إيران، التي سرعان ما مدت سيطرتها على بابل. وبعد نحو خمسة قرون انتهى حكم البارثيين في إيران وحلت محلهم دولة الساسان الفارسية سنة 244 ميلادية، التي سيطرت كذلك على بابل وبعض أجزاء من الشاطئ العربي للخليج. ولهذا فعندما انتهى الحكم الفارسي لإيران مع وصول العرب في منتصف القرن السابع، استخدم المؤرخون الإسلاميون اسم بحر فارس أو خليج فارس كذلك، وهو الاسم الذي استمر استخدامه في جميع أنحاء العالم حتى العصر الحديث.


الآن بعد مضي 14 قرنا على نهاية حكم الفرس حتى في إيران نفسها، كيف يمكن التصميم على تسمية الخليج بالفارسي؟ كانت هذه تسمية مؤقتة في عصر سيطرة الفرس، وإن كان هناك حلم يراود البعض من استعادة حدود الإمبراطورية الفارسية القديمة تحت مسمى الوحدة الإسلامية. فاليونان مثلا كانوا يطلقون اسم ليبيا على كل المغرب العربي، كما أطلقوا اسم إثيوبيا على أفريقيا جنوب أسوان، لكن الأمر تغير الآن. كما أن الاسم الأصلي الذي أطلقه السومريون على الخليج قبل ثلاثة آلاف عام من ظهور الفرس كان هو «البحر الجنوبي» أو «البحر السفلي». بل إن العثمانيين بعد سقوط بغداد في قبضتهم سنة 1534 أطلقوا على الخليج اسم «بصرة كورفزي» أي بحر البصرة، وهو الاسم الذي يستخدمه الأتراك حتى الآن.


كان الخليج العربي والبحر الأحمر من طرق التجارة الأساسية لكثير من الحركة التجارية والتبادلات الحضارية فيما بين الحضارات الكبري في الشرق. وكانت حضارة مابين النهرين (بين نهري دجلة والفرات)، قد قامت في أقصى الشمال الغربي من الخليج العربي. وكانت مياه الخليج في العصور القديمة أعمق كثيرا مما هي عليه اليوم، وبانحسار المياه شيئاً فشيئاً ظهرت أرض خصبة غنية بالرسوبيات، مماجعل المنطقة مصدر جذب للإستيطان. وكانت منطقة الخليج العربي ملتقى الحضارات والثقافات القديمة، على مر التاريخ لأنها كانت تقع بأقصى الهلال الخصيب وهو الأرض الخضراء التي تمتد من المنطقة بأقصى شمال الخليج مشَكلّة نصف دائرة حتى شمال غرب هذه المنطقة لتمتد إلى دلتا نهر النيل. وفي منطقة الإمارات العربية وعُمان، تم العثور على آثار تدل على وجود مستوطنات سكانية يعود تاريخها إلى سبعة آلاف سنة. وفي هذه المستوطنات تم أكتشاف قطع متميزة من الفخار الأسود من منطقة عبيد (مادة) بالعراق، ممايدل أن التجارة عبر مناطق الخليج المختلفة كانت نشطة.

وكان أبناء وادي الرافدين وجيرانهم من الحضارات المختلفة يتاجرون عبر الخليج والمحيط الهندي وبحر العرب منذ عصور قديمة، وعلى الرغم من وفرة المنتجات الزراعية في منطقة الرافدين ظلوا بحاجة للحصول علي المعادن والخشب والحجارة، فأنطلقوا بقواربهم عبر النهر ليصلوا لمياه الخليج بحثاً عن هذه الموارد عن طريق تجارة أكثر ربحا. ولقد ذكرت وثائق السومريين التاريخية المكتوبة التي تعود إلى ثلاثة آلاف سنة ق.م. أنهم كانوا يصلون لمنطقة منطقة ميجان (عمان)(أنظر : عمان) لجلب النحاس في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية. ومنذ ألفي عام ق.م. وبعد حضارة ميجان ورد أسم دلمون في البحرين في السجلات التاريخية بوصفها مركز تبادل تجاري بين الرافدين وميجان وملوحة؛ (إسم أطلقه الأكاديون على منطقة وادي السند)، وعثر هناك على آثار تشتمل على أختام تشير إلى المنطقة التي وردت منها البضائع.

ووصل أبناء وادي الرافدين بقواربهم المجهزة ملاحيا إلى وادي السند، وكان السومريون يصنعون قواربهم من قصب (الغاب). كما أن بحارة ميجان كانوا أيضا يسيطرون علي التجارة مابين الرافدين والهند عبر الخليج في القرن الثالث ق.م. وكذلك كان أهل دلمون على ساحل الخليج والمدن القريبة من الساحل كأم النار ودلما على ساحل أبو ظبي وفيلكا في الكويت. ومما سهل التجارة شق طريق عام 3500ق.م. يمتد من شمال الخليج لربطه بالبحر المتوسط. السلع التجارية التي كان الخليجيون قديما يتاجرون فيها، ومنها الأعشاب والتوابل واللبان والمر والأقمشة والجواهر والأحجار الكريمة والسيراميك والساج والأرز والمعادن كالنحاس، الذي كان يجلب من ميجَن.


وعرف الخليج بوصفه مصدراً أساسياً لتجارة اللؤلؤ، فقلة عمق مياه الخليج مكَنت الغواصين من الوصول إلى عمق البحر لاستخراج محاره منذ أزمان بعيدة. وفي القرن السادس ق.م. أنشأ الأخمينيون إمبراطوريتهم التي امتدت في أوجها إلى جميع أرجاء الشرق الأدنى، من وادي السند إلى ليبيا، وشمالاً حتى مقدونيا. وتمكنوا من السيطرة على جميع الطرق التجارية المؤدية إلى البحر الأبيض المتوسط عبر البر والبحر؛ وقام ملوكهم بإعادة بناء الطريق من منطقة السوس في إيران إلى سارديز بالقرب من أفسس وسميرنا. وكان لاحتلال الرومان لمصر أثر كبير في منع العرب من العمل وسطاء تجاريين حيث سيطر الرومان على طرق التجارة عبر البحر الأحمر وكانوا على دراية وكفاءة عاليتين في مهارات الإبحار.





شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

التسميات