الدولة الصفوية

اسماعيل الصفوي

الصفويون هم آل صفويان وهم سلالة من الشاهات نشأت في أردبيل في بلاد فارس (إيران)، وحكمتها منذ سنة 1501 وحتى استيلاء الدولة الهوتاكية الأفغانية على بلاد فارس وسقوط سلطتهم عام 1722، ثم إستردادها ثانية بين عامي 1729 و1736، حكمت في أوسع إمتداد لها كامل إيران الحديثة، أذربيجان وأرمينيا، معظم جورجيا وشمال القوقاز ، ,افغانستان بالإضافة إلى أجزاء من تركيا، ، باكستان، تركمانستان وأوزباكستان. اتخذوا من تبريز مقرا حتى 1548 م، ثم قزوين بين 1548-1598 م، ثم أصفهان منذ 1598 م.


https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D9%88%D9%8A%D8%A9

يُنسب الصفويون كما تؤكد المصادر التاريخية إلى الشيخ إسحق صفي الدين بن جبرائيل الأردبيلي (650-735هـ 1252-1334 م) وهو الجد الأعلى لإسماعيل الصفوي مؤسس الدولة الصفوية، وهو تركماني الأصل من مدينة أردبيل في أذربيجان وتبعد 35 ميل عن الساحل الجنوبي الغربي لبحر قزوين.

ويزعم مؤرخو الدولة الصفوية إن صفي الدين هذا من أحفاد الإمام موسى الكاظم -رضي الله عنه- شأنهم بذلك شأن كل المتصوفة الذين يستغلون هذه الصلة لتسهيل نشر أفكارهم ومعتقداتهم مستغلين بذلك تعاطف الناس وانجذابهم لكل ما يمت للنبي عليه الصلاة والسلام بصلة.

وتؤكد المصادر أيضًا انه هو وابنه صدر الدين كانا من أهل السنة الشوافع المذهب، وكان صفي الدين من المتصوفة وله تنسب الطريقة الصفوية في أردبيل مسقط رأسه وكان له عدد كبير من الأتباع والمريدين والمتصوفة والدراويش الذين نشروا دعوتهم في كل الأرض الإيرانية وفي العراق وبلاد الشام ومدن أخرى، وكانت طريقتهم غاية في الغلو الباطنية. على غرار الطرق الموجدة حينها في بلاد الأناضول ومن هذه الطرق المشهورة الآخية والبكتاشية ومن هنا كانت بداية الانحراف.

المولد والنشأة
ولد إسماعيل الصفوي في (25 رجب 892 هـ/25 يوليو 1487م) وقد نشأ يتيم الأب فقد قتل أبوه وعمره سنة واحدة، ولا يخفى على أحد أن لوالدته مارتا بنت حسن الطويل وأمها المسيحية كاترينا دور مهم في تربيته بعد وفاة أبيه المبكرة واعتقل هو واخوته وامه بعد مقتل والده ،وبعد ان قضى هو وعائلته اربع سنين في سجنهم في قلعة اصطخر جاء خبر وفاة يعقوب عام 896هـ\1491م فاطلق سراحهم، وعاش بعد وفاة أبيه في كنف "كاركيا ميرزا" حاكم "لاهيجان" الذي كان محبا للمسلمين الصفويين. ظل إسماعيل الصفوي 5 سنوات تحت سمع هذا الحاكم وبصره، حتى شبّ قويا محبا للفروسية والقتال، قادرا على القيادة والإدارة وهناك خلاف حول اصله بين عربي أو تركماني أو فارسي ،إلا أن الوثائق التاريخية المعاصرة له تؤكد انه فارسي صميم .تولى الزعامة وعمره لم يتجاوز الثلاث عشرة سنة وخاض عدة معارك طاحنة مع ملك شيروان ثأرًا لجده وأبيه الذين قتلا هناك وألحق الهزيمة بملكها "فرخ يسار" وذلك سنة 1500م، وتذكر المصادر التاريخية ومنها البدر الطالع في محاسن القرن السابع أن الشاه إسماعيل وإمعانًا في قسوته وحقده وضع "فرخ يسار" ملك شيروان -الذي وقع أسيرًا- في قدر كبير وأمر أتباعه بأكله!!
وفي أثناء هذه الفترة كانت الدولة تعيش فترة صراعات بين أفراد أسرة آق قويونلو التي كانت تحكم فارس آنذاك، وهو ما استغله أنصار الصفويين، وأمّروا عليهم إسماعيل الصفوي،و كان مهيأ للقيادة والزعامة بفضل الرعاية التي أحاطه بها حاكم لاهيجان.
تمكن إسماعيل الصفوي وأنصاره من خوض عدة معارك ضد حكام بعض المناطق في إيران والتغلب عليهم، وتساقطت في يده كثير من المدن الإيرانية، وتوج جهوده بالاستيلاء على مدينة "تبريز" عاصمة آق قويونلو، بعد معارك مع الوند ميرزا حاكم ألآق قوينلو في أذربيجان وانتصر عليهم ودخلها دخول الفاتحين، وهناك أعلن قيام الدولة الصفوية عام 907 هـ/ 1501 م ووضع تاج أبيه الديباجي على رأسه واستطاع خلال سنوات من توسيع حدود دولته وأصبحت عاصمتها أصفهان حيث ضم إليها ما وراء النهر وقفقاسيا والعراق.
وبدخول إسماعيل مدينة تبريز تم تتويجه ملكا على إيران، ولقبه أعوانه بأبي المظفر شاه إسماعيل الهادي الوالي، وذلك في سنة (907 هـ = 1502م) وأصدروا العملة باسمه....

نشأته
نشأ الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية في بيئة مضطربة تعج بالفتن والحروب والخرافة والخزعبلات التي أوجدتها الفرق الصوفية الغالية والضالة والتي ينحدر الشاه نفسه من أحدها، وأيضًا أجداده قد عاشوا في كنف تيمورلنك الذي قربهم منه مع كل أصحاب الطرق الصوفية لأسباب سياسية؛ نظرًا لمكانتهم بين الناس حينها، ومعروف عن تيمورلنك هذا انه كان من أبشع الحكام سيرة وسريرة في ذاك العصر وأكثرهم فتكًا وتعصبًا، وكان الصوفية المعاصرين له وكما يقو ل الدكتور كامل الشيبي في كتابه الفكر الشيعي والنزعات الصوفية "يدعون له ويؤيدونه ويعتبرون أعماله كرامات صادرة عن إلهام إلهي وهاتف سماوي وأنباء الغيب".
وأخذ يتقرب من شيعة خراسان الذين اشتد أمرهم هناك ولكي يبسط نفوذه عليهم بسك العملة بأسماء الأئمة الاثني عشر والخطبة بأسمائهم، واحتل الشام تحت شعار الانتقام من أبناء يزيد ثأرًا للحسين رضي الله عنه. هذا في ما يتعلق بالبيئة الخارجية التي نشأ فيها إسماعيل الصفوي وأجداده.

كانت النية لدى مؤسس ( الدولة الصفوية ) / الشاه إسماعيل الأول أن يهاجم ( الدولة العثمانية ) بالتعاون مع سلطان المماليك ( قان صوه الغوري ) لتأثره بالأفكار الصفوية وتشيعه ولخوفه من الدولة العثمانية ، فأراد السلطان العثماني ( سليم الأول ) أن يضعف الدولة الصفوية ، فتخلى بعض فرق جيش المماليك عن السلطان المملوكي ، وكانت المعركة الفاصلة المشهورة ( معركة مرج دابق ) التي أسقطت حكم المماليك سنة ( 921 هـ = 1516 ) ، فتوحدت الجبهتان المصرية والشامية مع العثمانيين في مواجهة الدولة الصفوية

ولقد كان هذا الرجل داهية عصره وسفاح زمانه وكان طموحه المجنون لا يحده حد، استطاع أن يفرض المذهب الشيعي على أتباعه وجنوده أولًا بغية التمايز المذهبي ثم عمد إلى نشره بين الإيرانيين بالقوة واستخدم لذلك كل الوسائل المتاحة سواء ما كان منها يعتمد على القوة والسلاح والقهر، أو تلك التي تعمد الإيحاء والمكر والتأثير النفسي ودغدغة مشاعر العوام وتهييج عواطفهم بشتى الوسائل من الناس الذين يسير بعضهم خلف كل ناعق وصاحب سلطان، وكانت جل دعوته تركز على إظهار السب واللعن للخلفاء الراشدين الثلاثة وقد قام بامتحان الإيرانيين بذلك وأمر بأن يعلن السب في الشوارع وعلى المنابر وفي الأسواق.

والشاه الصفوي إسماعيل كان يجمع بين التعصب المذهبي والغلو والتكفير وبين الدموية، فقد نقل عنه أحد أقربائه أنه أكثر القتل حتى قتل ملك (شروان) وأمر أن يوضع في قدر كبير ويطبخ، وأمر جنده بأكله ففعلوا، وكان لا يتوجه لبلاد إلا فعل أشياء يندى لها الجبين من قتل ونهب.

وكان من دمويته أنه ينبش قبور العلماء والمشايخ السنة ويحرق عظامهم، وكان إذا قتل أميراً من الأمراء أباح زوجته وأمواله لشخص لمن يختار.

ويكفي دليلاً على تعصبه وهمجيته أنه دعا أمه للتشيع وكانت سنية حنفية، فأبت ذلك فأمر بقتلها فقتلت رحمها الله تعالى، وبلغ من طغيانه وجبروته أنه كان يأمر جنده بالسجود فيسجدون له.

وذكر أحد كبار مذهبهم ودولتهم في هذا العصر أن إسماعيل الصفوي كان ممالئاً للإنجليز على الدولة العثمانية، وكان يعاقر الخمرة مع قادتهم ويقول لهم: (إنني أفضل حذاء مسيحي على أكبر رجالات الدولة العثمانية).

وأكثر المراسم الشاذة، والطقوس الغريبة، والممارسات المقززة في المناسبات الدينية لدى المذهب الاثني عشري إنما هي من إحداث هذا الخبيث الضال، وضل أتباعه يمارسونها ويتناقلونها جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا، ولا يتسع هذا المقام المختصر لعرض ما أحدثه لهم من ضلال على ضلالهم حتى إن عقلاء مذهبهم لا يرضون كثيرا من طقوسهم، ويرون أنها تسيء لمذهبهم في هذا العصر.

ومن الأساليب التي اعتمدها الشاه إسماعيل أيضًا في التأثير على العوام انه أمر بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسينالسبط –رضوان الله عليه– رغم أنه تقليد بالٍ كان على أيام البويهيين، وكان قد أمر به معز الدولة بن بويه –قبحه الله- سنة 352هـ وأمر كذلك وكما يقول ابن كثير في البداية والنهاية"أن تغلق الأسواق وأن يلبس النساءالمسوح من الشعر وأن يخرجن في الأسواق حاسرات عن وجوههن ناشرات شعورهن يلطمن وجوههن، وفي عشر ذي الحجة أمر كذلك بإظهار الزينة في بغداد وأن تفتح الأسواق في الليل كما في الأعياد وأن تضرب الدبادب والبوقات وان تشعل النيران في أبواب الأمراء وعند الشرط فرحا بعيد الغدير -غدير خم- فكان وقتًا عجيبًا وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة". وقد قام الشاه بتطوير هذه البدعة وأضاف لها مجالس التعزية


رد فعل السلطان سليم زعيم الدولة السنية ( الدولة العثمانية)


كان من الطبيعي أمام هذا الوضع الشاذ والغريب وأمام هذه المنكرات والبدع المستحدثة وأمام هذا التغطرس الصفوي الإسماعيلي أن تكون هناك ردة فعل عنيفة جدًا لدى العثمانيين، يقول الدكتور الصلابي في كتابه (الدولة العثمانية): "كان من الطبيعي أن يتصدى السلطان سليم زعيم الدولة السنية، فأعلن في اجتماع لكبار رجال الدولة والقضاة ورجال الساسة وهيئة العلماء في عام 920 هـ/1514 م أن إيران بحكومتها الشيعية ومذهبها الشيعي يمثلان خطرًا لا على الدولة العثمانية بل على العالم الإسلامي كله؛ وأنه لهذا يرى الجهاد المقدس ضد الصفويين".
وقد مكن الله تعالى العثمانيين من سحق الصفويين على أرضهم في معركة جالديران عام 1514م واضطر بعدها الشاه للفرار هو من بقي معه، ووقعت إحدى زوجاته في الأسر غير أن ترك السلطان سليم الشاه إسماعيل يفر مع عدم تعقبه بسبب فتنة الانكشارية في جيشه الذين امتنعوا عن المطاردة بحجة البرد ونقص المئونة مما أضاع على العثمانيين فرصة القضاء على الدولة الصفوية نهائيًا.

ومن هنا نجد أن الشاه وبعد أن التقط أنفاسه بدأ بالتآمر على الدولة العثمانية من خلال الاتصال بالصليبيين، وابتدأ مع البرتغاليين الذين تحالفوا معهم وكما يقول الدكتور زكريا بيومي أنه "أقر استيلائهم على هرمز في مقابل مساعدته على غزو البحرين وقطيف إلى جانب تعهدهم بمساندته ضد قوات الدولة العثمانية".


ليس غريبًا أبدًا أن تجد لليهود دور في كل ما يجري في العالم من أحداث في القديم والحديث، وإن المتتبع لدورهم ليجد لهم موطئ قدم في كل مكان وليجد لهم دورًا وإن كان دائمًا غير معلن خلف كل حدث.
ومن الجدير بالذكر إن تاريخ تواجد اليهود في أراضي الدولة العثمانية إنما يعود إلى عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني، فهو الذي سمح لهم بالهجرة إلى الدولة العثمانية هربًا من أوربا التي طردهم ملوكها منها وقد أقطعهم بعض المناطق الغنية فأعطر لهم ذلك، وكما يقول الدكتور أحمد النعيمي "إمكانية الإثراء لهؤلاء في الوقت الذي تميز هؤلاء بالفقر والعوز والمجاعة في مضى".

وقد استغل اليهود هذا الثراء أحسن استغلال كعادتهم، حيث يذكر صاحب كتاب خلاصة تاريخ بغداد للأب انستانس الكرملي "وكان الشاه إسماعيل قد قتل كثيرًا من مسلمي السنة وذبح جميع نصارى مدينة بغداد، أما اليهود فإنه لم يتعرض بهم وكانوا يهدون له الهدايا الجليلة والأموال الطائلة لاحتياجه إليها يومئذ، وإن الشاه إسماعيل لم يعاد اليهود وترك لهم الحرية في أعمالهم وأشغالهم".
ولم يقتصر دور اليهود على رعايا الدولة العثمانية فقط بل شمل حتى أولئك الذين يعيشون خارجها، ويؤكد يوسف غنيمة في كتابه (نزهة المشتاق من تاريخ يهود بغداد) إن الموفدون البنادقة –نسبة لمدينة البندقية الإيطالية وجلهم يهود– كانوا يحثون الشاه للقيام بذلك الغزو للأطراف الشرقية الدولة العثمانية، ويعملون بحذق لتسليط قوة الشاه في حرب على مؤخرة العثمانيين فحرب كهذه ستخفف الضغط على فيينا وإيطاليا والبحر المتوسط إذا أمكن إيقاد نارها"


أهم علماء الدولة الصفوية:
من أهم علماء الدولة الصفوية المدعو الشيخ علي الكركي العاملي وكان الشاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل قد استقدمه من جبل عامل في لبنان.
ولهذا الرجل دور كبير وأساسي في تثبيت التشيع الصفوي لأنه هو الذي أبطل نظرية انتظار الإمام التي كان الشيعة يعملون بها طيلة فترة الغيبه المزعومة زمناً، ثم أجاز للشاه بفتاويه الحكم نيابة عن الإمام المهدي المنتظر.
وكما أنه هو الذي أقر بدع السب والشهادة الثالثة في الأذان، وأضاف لها بدعة المشي إلى كربلاء لغرض زيارة الإمام الحسين -رضي الله تعالى عنه- في العاشر من شهر محرم ووصولًا إلى الأربعين في العشرين من شهر صفر والتي لازال العمل عليها إلى حد الآن.

ومن أبرز علماء الفترة الصفوية أيضا المدعو الملا محمد باقر المجلسي وهو من أهم علمائهم وأكثرهم تشددًا ومن أهم كتبه وأكثرها شهرة كتابه بحار الأنوار، يقول الخميني عن هذا الكتاب "هو من تأليف العالم المعظم والمحدث الرفيع محمد باقر المجلسي وهو مجموعة تقرب من أربعمائة كتاب ورسالة، فهو في الحقيقة مكتبة صغيرة تسمى باسم واحد" ويعتبر من أهم كتب الشيعة الإمامية وهو مليء بالأحاديث والروايات والقصص والأساطير والأخبار من كل لون، ولقد استغله الخطباء والمنبريون وقراء مجالس العزاء والعلماء أيضًا حين اتخذوه مصدرًا أساسيًا لكونه في متناول أيديهم؛ فملئوا أذان الناس العوام بالخرافات والدجل والأوهام.
شأنه بذلك شأن كتب بعض المتصوفة في العصور الإسلامية المتقدمة التي تلت العصور المباركة والتي ملئت بالغث والسمين من الأحاديث والأخبار، ومن خلال اطلاعي الشخصي على بعض أجزاء هذا الكتاب وجدت فيه الكثير من الروايات الباطلة التي بتداولها الصوفية -السنة-، كتلك التي تتعلق بأخبارالنبي عليه الصلاة والسلام قبل البعثة وغيرها.

ولقد اهتم الساسة الصفويون بهذا الكتاب أيما اهتمام حتى إن الشاه سليمان أوقف له أملاكه الخاصة في سيبل نسخه وتوفيره للطلبة، وقامت الدولة القاجارية بعدئذ بالاستعانة بالمطابع الحجرية لذات الغرض ونشرته في العراق والخليج وكما يؤكد ذلك العلامة علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية، توفي هذا الرجل عام 1699م أي قبل سقوط الدولة الصفوية بثلاث وعشرين سنة.
إن وجود هذين الرجلين لا يعني إن كل علماء الشيعة وقتئذ كانوا يوافقوهم في كل بدعهم وقد أكدت والمصادر الموثقة وقوف العديد من علماء الشيعة بوجه هذه التوجهات والفتاوى المستحدثة، ومن هؤلاء الشيخ إبراهيم القطيفي النجفي والشيخ محمد البهائي والشيخ حسن بن عبد الصمد الذي هجر ديار الصفويين واستقر في البحرين وخلفه ابنه حسن البهائي، وهؤلاء كلهم ظهر منهم مقاومة صريحة للفكر الصفوي واستهجان صريح لأولئك الذين اختاروا أن يكونوا خَدَمة للعرش الصفوي.

معارضة بعض علماء الشيعة الأثني عشرية للدولة الصفوية :

لقيت الدولة الصفوية معارضة من بعض علماء الشيعة الإثنى عشرية ، ومنهم المحقق الكركي في بداية أمره ، ولكنه انتهى إلى القول بشرعية ( الدولة الصفوية ) ، ولا زالت الكتب التاريخية تحتفظ بالنصوص الواردة في إجازة الكركي للشاه الصفوي .
• الكركي : أبو الحسن نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي ، إثنى عشري ، من ( جبل عامل ) في لبنان ، من ألقابه عند الإثنى عشرية : ( المحقق الكركي ) و ( المحقق الثاني ) و ( الشيخ العلائي ) ، خرج من لبنان إلى إيران ثم إلى النجف معارضاً لـ ( الدولة الصفوية ) ، فقام بتطوير نظرية ( النيابة العامة للفقهاء ) إلى نظرية سياسية ، الأمر الذي فتح الباب أمام فقهاء الإثنى عشرية لمنح الملوك الصفويين ومن ثم القاجاريين في إيران ( إجازة ً شرعية ) والحكم بالوكالة عن نائب المهدي المنتظر ( الفقيه العادل ) ، فقام السلطان الصفوي باستدعائه وجعله مرجعاً أعلى يرجع إليه ويرجع إليه الناس في الدولة الصفوية وجعل له مرتباً سنوياً وقد بلغ شأنه في تحديد الوظائف والمراتب أن كل من يعينه الكركي فإنه لا يُعزل بالمرة ومن يعزله فإنه لا يُعين ثانية ، وكان يسافر في أرجاء إيران لنشر المذهب الإثنى عشري ، وقام بتدريس عدد من رجال الدولة الصفوية ، لذا : قام الكركي بتبرير كل أفعال الصفويين السيئة ، وألف لهم كتباً فيما استحدثوه ، فألف كتاباً في ( السجود على التربة الحسينية ) و ( جواز السجود للإنسان ) و ( تأييد السب والشتم للصحابة ) بعنوان : ( نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ) أي أبا بكر وعمر ، وكان يفضّل لعن الصحابة على التسبيح لله ، وألف رسالة في تغيير القبلة ، لذا سماه خصومه بأنه ( مخترع الشيعة ) ، وقد لقي تحالفه مع الدولة الصفوية معارضة ً شديدة من عدد كبير من علماء الإثنى عشرية مثل : ( زين الدين العاملي ) و ( والأردبيلي ) و ( إبراهيم القطيفي ) و ( الاسترابادي ) و ( محمد طاهر القمي الشيرازي ) وغيرهم ، وذلك لأن ( نظرية النيابة العامة ) لم تكن قد تطورت لتحل محل ( نظرية الإمامة ) ، وإنما كانت نظرية محدودة وجزئية وتقتصر على الفتوى وتنفيذ بعض الأمور الاجتماعية والاقتصادية والعبادية ، من تلاميذه : زين الدين الجبعي ، من مؤلفاته : ( شرح جامع المقاصد في شرح القواعد ) و ( نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ) و ( الرسالة الجعفرية ) و ( حواشي كتاب شرائع الإسلام ) و ( رسالة في الغيبة ) ، اختلف علماء الإثنى عشرية في تحديد سنة وفاته : فقال الحر العاملي : سنة 937 هـ ، وقال التفرشي : سنة 938 هـ ، وقال غيرهما من محققي الإثنى عشرية : سنة 940 هـ
• جعل الكركي ملك الدولة الصفوية هو : ( نائب الإمام الغائب ) ، فكان ذلك أول تمهيد لـ ( ولاية الفقيه ) .
• قامت حملة شعواء في النجف بقيادة الشيخ ( إبراهيم القطيفي ) على ( المحقق الكركي ) وتطبيقه لنظرية ( ولاية الفقيه ) في ( الدولة الصفوية ) ، وهاجم ( الدولة الصفوية ) وأنها دولة غير شرعية وأن الأموال التي تأخذها من الناس باطلة ، وأن أموال التي يأخذها علماء الدولة الصفوية باطلة ، لأن إمامتهم غير صحيحة ، ويجب عليهم أن ينتظروا الإمام حتى يخرج ، وكان يكتب في ذلك ، فقام الكركي بالرد عليه في كتاب ( قاطعة اللجاج في حل الخراج ) ، فكتب القطيفي كتاباً اسمه ( السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج ) ، ثم كتب الكركي كتباً كانت سبباً في الهجوم عليه ، وكان علماء النجف يردون عليه .
حسين عبد الصمد العاملي وابنه ( الشيخ البهائي )
• جاء من ( جبل عامل ) ، وكان متذبذاً متردداً ويرى في الدولة الصفوية مخالفات كثيرة للتشيع القديم ، فرحل من إيران إلى البحرين وأقام بها حتى مات سنة 948 هـ في زمن ( عباس الكبير ) .


هلاك إسماعيل الصفوي ونهاية دولته:
في عام 1524م هلك الشاه إسماعيل الصفوي إذ لم يبارك الله في عمره فمات ولم يتجاوز السابعة والثلاثين من العمر، وورث ابنه طهماسب ثم ابنه الشاه عباس.
وقد انهارت الدولة الصفوية عن وانمحت عن الوجود على يد إحدى القبائل الأفغانية عام 1722، أي بعد صراع دام أكثر من قرنين. ومن الجدير بالذكر إن الصفويين قد احتلوا أجزاء واسعة من بلاد الأفغان واضطهدت الأفغان فيها كعادتها مع المخالفين بسبب فشلها في تحويلهم إلى التشيع، كما نجحت في إيران ومناطق أخرى وقد كان الأفغان يتحينون الفرصة للقضاء على الصفويين وابتدأت الشرارة الأولى على يد أمير ويس لكنه توفي عام 1715م وخلفه ابنه أمير محمود والذي نجح في دك معاقلهم و فتح عاصمتهم وإعلان انتهاء دولتهم للأبد وذلك عام 1722م وكان آخر ملوكهم يدعى الشاه حسين.


وبعد فترة زمنية تولى مقاليد الحكم فيها نادر شاه وذاك سنة 1736م و وهو صاحب فكرة المذهب الخامس وقد كاتب الدولة العثمانية بذلك، وقد بدأ من سياسته وفي أواخر عهده نفس تصالحي باتجاه العالم الإسلامي وهو الذي حصل في عهده المؤتمر التقريبي الأول برعاية عثمانية وذاك في عام 1743م والذي انتهى بمقررات جيدة خففت من حدة التوتر الطائفي بين الشيعة والسنة، والذي كان من أبرز الثمار الخبيثة للصراع الصفوي العثماني والذي تولى كبره الصفويون الذين اختاروا أن يرسخوا الخلاف بين المسلمين من خلال اتخاذهم من التشيع الباطني أداة لتحقيق مكاسبهم وتطلعاتهم التي تعبر عن مكنونات أنفسهم، التي استحكم فيها الحقد الطائفي والعرقي والشعوبي بمفهومه الضيق فأعمى بصائرهم وصدهم عن صوت الحق وزين لهم أعمالهم بمخالفيهم وتآمرهم على المسلمين، واتصالهم فيما بعد بالصليبيين مما وفر لهم فرصة تخفيف القبضة العثمانية على أوربا التي سعت لإشغال المسلمين بالحروب الداخلية.
وقد قتل نادر شاه نفسه على يد أتباعه الغلاة من الذين لم يعجبهم صنيعه وذاك بعد ثلاثة أشهر فقط من عقد المؤتمر، وعمت إيران فوضى عارمة استمرت عقودًا حتى ظهور الدولة القاجارية عام 1796 لتعود بإيران إلى نفس السياسة الصفوية الطائفية الباطنية الخبيثة، وبنسق أكثر تطرفًا وعنادًا وليعود الصراع مرة أخرى بينهم وبين العثمانيين، ولتعطي تأكيدا على المدى الذي تغلغل فيه الفكر الصفوي وغدا ظاهرة مترسخة في العقول والضمائر وأدبيات الحياة الاجتماعية والثقافية.

وحكمت هذه الدولة إيران حتى العقد الثاني من القرن العشرين لتخلفها الأسرة البهلوية والتي أطاحت بها حكومة الثورة في إيران عام 1979م بقيادة الخميني. وهذه الثورة ورثت كل تلك التركة الثقيلة من الأفكار والمعتقدات وأعطت لها بعدًا حيًا من خلال استثمارها سياسيًا وإضفاء البعد الدستوري والقانوني عليها، وتأسيس نظام حكم يختزل هذه الأفكار والمعتقدات ويصوغها في قالب ديني مفترض من أجل ضمان دوامه وإمكانية حمايته، ولإضفاء نوع من أنواع الشرعية الدينية عليه ولعل المادة الخامسة والأساسية – أي الغير قابلة للتغيير- من هذه الدستور توضح هذه الحقائق بصورة جلية.
تقول هذه المادة: "في زمن غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر الشجاع القادر على الإدارة".
وقد مر بنا كيف استحدثت هذه البدعة في عهد الصفويين وغيرها وهي اليوم يراد لها أن تعبر عن مضمون سياسي متلبس بعباءة دينية غيبية باطنية المنحى والتوجه.






 الحاكم الحياة الحكم
1إسماعيل الأول 1487-1524  1501-1524 
2طهماسب الأول 1414-1576  1524-1576 
3إسماعيل الثاني الصفوي ....-....  1576-1578 
4محمد خدا بنده ....-....  1578-1587 
5عباس الأكبر ....-....  1587-1629 
6صفي الصفوي ....-....  1629-1642 
7عباس الثاني الصفوي ....-....  1642-1666 
8صفي الثاني الصفوي ....-....  1666-1694 
9سليمان الأول الصفوي ....-....  1666-1694 
10سلطان حسين الأول الصفوي 1668-1726  1694-1722 
11طهماسب الثاني 1704-1740  1722-1732 
12عباس الثالث الصفوي 1732-1740  1732-1736 
13سليمان الثاني الصفوي 1714-1763  1749-1750 
14إسماعيل الثالث الصفوي 1733-1773  1750-1773


الصفويون الجدد والعنصر الفارسي
ومن نافلة القول: أن الرافضة عُرفوا -على مدار التاريخ- بالكيد للسنة وأهلها ومظاهرة الأعداء عليهم، والحزن لظهور أهل السنة وعلوِّهم، والفرح بانهزامهم وانكسارهم. وقد كشف ابن تيمية عن موقفهم هذا بقوله: "... فالرافضة يوالون من حارب أهل السنة والجماعة، ويوالون التتار، ويوالون النصارى. وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة، حتى صارت الرافضة تحمل إلى قبرص خيلَ المسلمين وسلاحهم، وغلمانَ السلطان وغيرَهم من الجند والصبيان. وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المآتم والحزن، وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا الفرح والسرور..."[31].

ولكن على الرغم من سقطاته وزلاته الكبيرة وأخطائه الفادحة، فإن الإيرانيين حتى اليوم يعتبرون الشاه عباس الأول بطلاً قوميًّا استطاع أن يرفع من شأن وطنه، ويجسد آمال الإيرانيين ويحقق أهدافهم، وبخاصة الانتصار على أعدى أعدائهم؛ العثمانيين السُّنَّة.

أليس من الإنصاف إذًا الإطلاق على الإيرانيين المعاصرين أنهم الصفويون الجدد؟ ذلك أن الأفكار والمواقف التي كانت تهيمن على السابقين، هي نفسها التي توجِّه الحاضرين!

فالتشيع ليس إلا واجهة لتحقيق أهدافهم القومية المرتكزة على العنصر الفارسي؛ وإلا فكيف نفسر حرمان الشيعة الأذريين في إيران من حقوقهم الثقافية والسياسية، ودعم النظام الإيراني للأرمن النصارى المحتلين لـ 20٪ من أراضي جمهورية أذربيجان؟! هذا الاحتلال الذي شرّد ما يقرب من مليون مسلم أذري لا ينتظرون الدعم من إيران، وإنما يدعونها باسم الإسلام للكف عن مؤازرة المحتلين الأرمن لأراضيهم.


وكذلك كيف نفسر تآمر الجمهورية الإسلامية في إيران على طالبان وتواطؤها مع الأمريكان لإسقاط حكومتهم في كابل، بينما تقدِّم الدعم للفرس في أفغانستان وهم سُنَّة دون غيرهم من المسلمين! وهو موقف لا يمكن تفسيره إلا بأمر واحد، وهو: أن المهم بالنسبة إلى نظام الآيات أو الملالي في إيران هو العنصر الفارسي وليس الدين أو المذهب كما يدَّعِي؛ مما يكشف زيف شعاراته وادعاءاته.



شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

التسميات